top of page

المرأة في ظل الأدوار المتعددة

أ. د فتحية محمد باحشوان

الادوار المتعددة للمرأة (1).jpg

شهدت المجتمعات الحديثة مجموعة من التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأدى ذلك  إلى تغيير في منظومة القيم والأعراف التي تتسم بتشددها وانغلاقها، منها خروج المرأة إلى العمل ومشاركتها في أوجه الحياة المختلفة إلى تُعرِّضها لكثير من الصراعات نتيجة لتعدد الأدوار والمسؤوليات التي تقوم بها، أو تعارضِ تلك الأدوار عند التنافس على الموارد المحددة لإنجاز أكثر من مهمة في الوقت ذاته، أو تعارض متطلبات أدوار تلك القيم والاتجاهات السائدة مع اختلاف تزامن توقعات الآخرين للدور والنتائج التي يتم الوصول إليها.  

إن نظام تقسيم العمل الاجتماعي بين الرجل والمرأة قد نشأ مع نشأة العلاقات الطبقية، وقد قام هذا التقسيم على أساس أن دور المرأة الأساس هو دورها المنزلي بوصفها زوجةً  وأماً  وربة منزل، أما الرجل فيختص بالعمل والإنتاج خارج المنزل وممارسة كل الأنشطة الاقتصادية.

 

وبعض الثقافات في بعض المجتمعات لا تعطي قيمة للأدوار المهنية التي تقوم بها المرأة، حتى وإن ارتفعت القيمة الاقتصادية لهذه الأدوار، وعادة ما تكون هذه الأدوار التي تقوم بها المرأة بمثابة نتيجة مجموعة من العوامل الاجتماعية والثقافية السائدة في المجتمع؛ ولذا فإن طبيعة الأدوار وأهميتها تختلف باختلاف المجتمع وثقافته.   

في كثير من الأحيان تعاني المرأة من صراع  في الأدوار الاجتماعية، وهي حالة تتطلب اتخاذ قرار حول حاجتين متعارضتين، مما ينتج عن هذا التعارض حدوث دورين في الوقت نفسه، فيصبح قبول أحدهما عائقاً أما قبول الآخر.

 

وكلما تعارضت الأدوار زادت الصراعات فيما بينها، فقد يكون صراعاً داخلياً ينشأ عن التعارض بين مكونات شخصية الفرد واتجاهاته وبين متطلبات الدور، فيقوم الفرد بأداء كل أدواره المتوقعة لتصبح جزءاً من شخصيته عن طريق تغيير أو حذف الاتجاهات الشخصية التي تتعارض مع متطلبات الدور، وقد يلجأ الفرد إلى حل جزئي حيث يقوم فيه بالتمييز بين جوانب سلوك الدور المتوقع، ثم يختار بعضاً منها بما يتناسب مع اتجاهاته وميوله الشخصي، ومن هنا يقوم بأدائها دون الأجزاء الأخرى.

أيضاً قد يكون الصراع خارجياً بين بعض الأدوار، وهو الصراع الذي ينشأ نتيجة مطالبة الشخص بأداء دورين متعارضين في نفس الوقت، ويتم تجاوز هذا النوع من الصراع عن طريق قيام الفرد باختيار أحد الأدوار وتفضيله على الآخر، وغالباً ما تكون إشباعه من ممارسة هذا الدور أكبر من الاشباع الذي يحصل عليه لممارسة التعارض معه.   

من جهة أخرى، نجد أن المرأة لديها قلق إضافي حول مدى نجاحها في عملها وفي أدوارها الأخرى المسؤولة عنها، ويرجع ذلك إلى حداثة عمل المرأة خارج البيت، وإلى الضغوطات والمعوقات الاجتماعية المختلفة، إضافة إلى تركيبة المرأة الخاصة من حيث تأهيلها وتدريبها،

مما يتطلب إعداداً وتدريباً ووقتاً كافياً كي تستطيع المرأة تلبية متطلبات الحياة العملية الكثيرة.

غير أن المرأة المتعلمة التي خرجت للعمل أصبحت تقوم بعدة أدوار في المجتمع؛ فهي تؤدي دورها الجديد في الإسهام في أي ميدان من ميادين الإنتاج أو الخدمات، مدفوعة إلى ذلك وفق القيم الاجتماعية الجديدة التي تقدر تعليم الفتاة وبالتالي عملها.

 

وهي تؤدي - فضلاً عن ذلك- أدوارها التقليدية في الأسرة زوجةً وأماً ومديرة منزل، بالإضافة إلى الاهتمام بالعمل خارج البيت والنظر إليه نظرة جد واهتمام رسمي.

لقد ساهم الإسلام في تطوير شخصية المرأة، وتعزيز مركزها في الأسرة، إضافة إلى تعزيز مكانتها في المجتمع. كما احتلت المرأة في المجتمع مكانة اجتماعية كبيرة نسبياً أدت إلى مساهمتها في القرار بجانب الرجل، على مستوى الأسرة أو على مستوى المجتمع بشكل عام.

 

ومن مميزات المرأة قدرتها على الجمع بين أدوار متعددة  إضافة إلى عملها في مواقع مختلفة. ونتيجة للتحولات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدها مجتمعنا فقد أصبحت مشاركة المرأة جزءاً من هذه التحولات، وأصبحت مشاركتها في عملية التنمية شيئاً أساسياً في النهوض بالمجتمع، وصاحبه ذلك تغييرات كبرى في أدوارها ومكانتها الاجتماعية، إضافة إلى حصول المرأة على الحقوق السياسية، وتولى السلطة في بعض المؤسسات الإدارية.

من هنا نستطيع أن نفهم ونفسر أن التحولات الجديدة التي حدثت في المجتمع قد تركت انعكاساتها على حياة المرأة، وأدت إلي حدوث تغييرات معينة في أوضاعها وأدوارها ومكانتها في الأسرة والمجتمع، فهي بمثابة إفراز لهذه الظروف الاجتماعية والثقافية السائدة، ولذا فإن طبيعة هذه الأدوار وأهميتها يختلف باختلاف المجتمع وثقافته ومدى تعامل المرأة وتفاعلها مع هذه الأدوار المختلفة، منها دورها المنزلي بوصفه قدراً محتوماً فرضته طبيعة المرأة البيولوجية، أو دور الزوجة، أو الابنة، أو المرأة العاملة صاحبة المسؤولية والمركز الاجتماعي، فهي تستطيع أن تتواءم مع هذه الأدوار جميعها، مواكبة للتحولات الجديدة التي شهدها المجتمع.

Name, Title

.تحليل ذو قيمة

bottom of page