مفهوم الدراسات الاستراتيجية
د. طه فارع غالب
تعد الدراسات الاستراتيجية مجالاً أكاديمياً متداخل الاختصاصات؛ فهي في محط اهتمام العديد من العلوم كعلم السياسة وعلم الاقتصاد وعلم الاجتماع وعلم الإدارة وغيرها نظراً لما للدراسات الاستراتيجية من دور مهم في مختلف المناشط السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ومع تطور المجتمع الحديث أصبحت قضية بناء الاستراتيجية من أهم القضايا التي تواجه أي مجتمع وأي دولة، وهذا ما يميز الدول المتقدمة عن الدول النامية؛ فالتخطيط الاستراتيجي والتفكير الاستراتيجي واتخاذ القرار وفقاً للقواعد العلمية، وبلورة مفاهيم الأمن القومي قد أصبحت جميعها قضايا مطروحة وتحظى بالاهتمام، وكذلك قضايا حقوق الإنسان والانتقال إلى الديمقراطية والتعددية.
لقد أصبحت الدراسات الاستراتيجية تخصصاً يُدرس في العديد من الجامعات والكليات العسكرية والأمنية، في مختلف دول العالم، كما أصبح هناك العديد من المراكز البحثية الخاصة بها. وهي تهتم بقضايا ذات صلة بمجال الدراسات والبحوث العسكرية والأمنية والاستراتيجية الوطنية والإقليمية والدولية.
ويركز مجال الدراسات الاستراتيجية على دراسة استراتيجيات الصراع والسلام، ويولي اهتماماً خاصاً للعلاقة بين السياسة الدولية والاستراتيجية الجغرافية والدبلوماسية الدولية والاقتصاد الدولي والقوة العسكرية. كما أنه يتناول مواضيع هامة مثل أدوار الاستخبارات والدبلوماسية والتعاون الدولي للأمن والدفاع.
تعد الدراسات الاستراتيجية جزءاً من حقل العلاقات الدولية؛ فهي تتناول بشكل خاص القضايا والمسائل المتعلقة بالتهديدات الأمنية المباشرة حيث تلجأ كل دولة -عندما تجد نفسها عاجزة عن تحقيق هدفها السياسي بالوسائل التي تمتلكها- إلى وسائل بديلة من خلال تبنيها استراتيجية ذات هدف محدد فتبرز الاستراتيجية بوصفها جزءاً ذا أهمية قصوى يجب تحقيقه.
وتعرف الاستراتيجية في المنشورات المشتركة للقوات المسلحة الأمريكية بأنها فكرة أو مجموعة أفكار حكيمة من أجل توظيف أدوات القوة الوطنية بطريقة منظمة ومتكاملة، لتحقيق أهداف معينة في مسرح العمليات وأهداف وطنية أو متعددة الجنسيات.
ويمكن القول إن الاستراتيجية هي فن وعلم تطوير القوة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والسيكولوجية والعسكرية واستخدامها في الدولة المعنية بصورة منسجمة مع توجهات السياسة المعتمدة لخلق تأثيرات أو مجموعة ظروف تحمي المصالح القومية وتعززها مقابل الدول الأخرى، أو الأطراف الأخرى الفاعلة، أو الظروف والمستجدات.
وتسعى الاستراتيجية إلى إيجاد نوع من التآزر والتناسق والتكامل بين الأهداف، والطرائق والموارد لزيادة احتمالية نجاح السياسة، والنتائج الإيجابية التي تنم عن ذلك؛ فهي عملية تسعى إلى تطبيق درجة عالية من العقلانية والإنسانية لمواجهة الظروف التي قد تحدث والتي قد لا تحدث.
إن الدراسات الاستراتيجية اليوم تشمل كل مناحي الحياة، وتعد الطريق المؤدي إلى التنمية الشاملة.
Name, Title
.تحليل ذو قيمة