وفيات الأمهات ناقوس خطر
د. جميلة يعقوب
تواجه العديد من الأمهات معوقات جمة في سبيل حصولهن على خدمات الرعاية الصحية اللازمة لإنقاذ حياتهن من مخاطر المضاعفات التي تحدث لهن أثناء فترة الحمل أو الولادة أو خلال فترة النفاس؛ حيث لا تزال معدلات وفيات الأمهات في العديد من الدول مرتفعة بشكل غير مقبول، فلا يمر يوم واحد إلاّ ويشهد وفاة نحو (830) امرأة في جميع أنحاء العالم جرّاء مضاعفات الحمل والولادة، وقد أشارت التقديرات إلى أنه في عام 2015م قضت (303.000) من النساء نحبهن أثناء الحمل أو الولادة، والجدير بالذكر أن جميع تلك الوفيات تقريباً وقعت في البلدان النامية قليلة الموارد.
وقد بلغت نسبة وفيات الأمهات في البلدان النامية ضعف مستوى وفيات الأمهات في الدول المتقدمة؛ ففي عام 2015م بلغت نسبة الوفيات ما يقارب (239) حالة وفاة لكل (100.000) ولادة في الدول النامية، مقابل (12) حالة وفاة لكل (100,000) ولادة في البلدان المتقدمة، مع وجود تباين كبير بين البلدان وداخلها أيضاً، وبين النساء من ذوي الدخل المرتفع والمنخفض وبين النساء اللاتي يعشن في المناطق الريفية والحضرية.
كما تواجه المراهقات دون سن (15) أكبر مخاطر الوفاة في مرحلة الأمومة، وتتمثل المضاعفات التي تحدث في فترة الحمل وخلال الولادة أهم أسباب وفاة أولئك المراهقات في البلدان النامية.
تحدث معظم هذه الوفيات في الدول النامية، واليمن إحدى هذه الدول التي تعاني من ارتفاع نسبة وفيات الأمهات، ويرجع هذا إلى عدة أسباب، منها:
- عدم وجود أهمية متابعة فترة الحمل بسبب الجهل والفقر.
- غياب الخدمات الصحية الكافية بسبب عدم القدرة على الوصول إلى تلك الخدمات.
- تكاليف النقل غير الميسورة؛ مما يجعل التوجه إلى مقدمي الخدمات الصحية حلاً
اضطرارياً بوصفهم الملاذ الأخير للنساء والأطفال، لا سيما في المناطق النائية والريفية وتلك المتأثرة بالحرب.
- وتوقف العمل في بعض المرافق الصحية في بعض المحافظات بسبب نقص عدد الموظفين أو شح الإمدادات أو عدم القدرة على تغطية التكاليف التشغيلية، بينما تعاني المرافق العاملة من نقص حاد في الأدوية والمعدات والموظفين.
هذه الأسباب وغيرها تعرض الأرواح للخطر وتزيد من نسبة معدل وفيات الأمهات، وهي في ارتفاع مستمر منذ تصاعد النزاع في اليمن.
ومثلت الزيادة بحسب مؤشرات منظمة الصحة العالمية التي تراوحت من (5) حالات وفات بين الأمهات في اليوم الواحد عام 2013 إلى (12) حالة وفاة يومياً عام 2018. ويحدث أن تموت امرأة من بين كل (260) امرأة أثناء الحمل أو الولادة، حيث تحدث ثلاث ولادات فقط من بين كل عشر في المرافق الصحية، كما يموت طفل واحد من بين (37) مولوداً في الشهر الأول من الحياة، وكل ذلك بسبب المضاعفات التي تحدث خلال فترة الحمل والولادة وبعدهما.
وبسبب تلك المضاعفات تقضي النساء نحبهن بالرغم من أن معظمها كان يمكن الوقاية منها أو علاجها، ومن أهم المضاعفات:
-
النزيف الشديد الذي يحدث بعد الولادة.
-
الإصابة بالعدوى، وعادة ما تحدث بعد الولادة.
-
ارتفاع ضغط الدم أثناء فترة الحمل.
-
تعسّر الولادة.
-
الإجهاض غير المأمون.
-
الإصابة ببعض الأمراض مثل الملاريا وفقر الدم وسوء التغذية وغيرها من أمراض العدوى الفيروسية.
إن وضعاً كهذا يتطلب مجموعة من المعالجات الضرورية والعاجلة تتمثل في الآتي:
-
تركيز الموارد بما يخدم المجتمعات الفقيرة والمهمشة ومجتمعات النزوح.
-
استئناف دفع رواتب العاملين في القطاع الصحي ودعم تقديم حوافز للموظفين المشاركين في تقديم الخدمات المنقذة للحياة.
-
التصدي لأوجه الإجحاف في إتاحة خدمات الرعاية الصحية الإنجابية وخدمات الرعاية الصحية للأمهات .
-
ضمان التغطية الصحية الشاملة للرعاية الصحية الإنجابية والرعاية الصحية الأولية للأمهات.
-
التصدي لجميع أسباب وفيات الأمهات وحالات المِرَاضة الإنجابية وحالات العجز الناجمة عنها.
-
تعزيز النظم الصحية لجمع البيانات عالية الجودة من أجل الاستجابة لاحتياجات النساء والفتيات وأولوياتهن.
-
ضمان المساءلة من أجل تحسين جودة الرعاية الصحية والإنصاف في توزيعها على مستوى المعالجة.
-
إنشاء المرافق الصحية والمستشفيات وتدريب الكوادر الطبية وتوفيرهم في كل مناطق اليمن حتى تستطيع النساء الحصول على الخدمة الصحية بسهولة أثناء فترة الحمل والولادة.
وختاماً، تبقى مشكلة وفيات الأمهات مسؤولية الجميع؛ فهناك ما يقارب (90%) من هذه الوفيات يمكن تفاديها من خلال توفير الاحتياجات اللازمة واتباع الطرق الصحيحة والسليمة في المعالجات اللازمة لذلك.
Name, Title
.تحليل ذو قيمة