top of page

الذكاء الاجتماعي للطفل

د .فتحية محمد باحشوان

1.jpg

الذكاء الاجتماعي هو فن التعامل مع من حولك، وهو مجموعة من المهارات التي تجتمع مع بعضها بعضاً، لتجعل الفرد قادراً على تكوين علاقات مع الآخرين، وتمنحه القدرة على التواصل معهم بفعالية عالية، وبناء علاقات تسودها المحبّة والالتزام والتعايش، والتعامل معهم في وقت ذاته بنجاح.

 ويعد اتصاف الطفل بالذكاء الاجتماعي ميزة يمكن ملاحظتها في سلوكه وتصرفاته خلال حياته اليومية وكلامه واهتماماته، أو موهبة أو قدرة خاصة تكون عونه في حياته الاجتماعية، ودافعاً له نحو النجاح والتفوق في حياته العملية، وذلك لما لها من أثر إيجابي على الطفل سواء من حيث علاقاته مع الآخرين ومكانته عندهم ونظرتهم إليه، أو من حيث توازنه النفسي والاجتماعي والعاطفي. ووفقًا لما قاله البروفيسور نيكولاس همفري في أن تكون ذكيًا فقط غير كافٍ، فعلى سبيل المثال يكون الأطفال المصابون بالتوحد في بعض الأحيان في غاية الذكاء، فهم يجيدون إعطاء الملاحظات وتذكرها كلها، وعلى الرغم من ذلك، فهناك ثمة من يقول إن الذكاء الاجتماعي لديهم منخفض، فالذكاء الاجتماعي يرتبط ارتباطًا وثيقاً بالمعرفة، ويمكن أن يكون مرحلة أولى في تطوير أنظمة الذكاء، وهو صفة مكتسبة تنتج هن طريق التربية ومدى اهتمام الأبوين بالطفل؛ فهي لا تورث بل تأتى من تجارب الحياة والمواقف التي يمر بها.

يساعد الذكاء الاجتماعي التفاعلي الطفل في بناء شبكة علاقات جيدة مع الآخرين، سواء بين أقرانه أو حتى في جعله شخصية جذابة ومحبوبة عند الكبار، وتستمر معه هذه الميزة وفوائدها حتى بعد أن يتقدم بالعمر، في العمل أو العائلة أو تكوين الصداقات والعلاقات الاجتماعية المختلفة.

ويتم تنمية ذكاء الطفل عن طريق حث الطفل على المشاركة في الأنشطة الاجتماعية المختلفة، في الأسرة أو المدرسة أو المجتمع المحيط به، مما يقوي شخصيته منذ الطفولة، إضافة إلى ممارسة عملية العصف الذهني مع الطفل، ودفعه دائما إلى المشاركة في حل مشاكله الشخصية، وإسناد مسؤولية بعض الأمور إليه كي تنمو فيه روح القيادة والإحساس بالمسؤولية.

 لا بد من تعليم الطفل كيف يمكنه التعبير عن ذاته وتوضيح ما بداخله من مشاعر دون خجل وإعطائه الحرية الكاملة في التعبير دون خوف أو قلق، ومن هنا تكون مهمة الأبوين بملاحظة ظهور بعض العلامات على الطفل التي توحي بامتلاكه قدرات أو مواهب أو مهارات معينة في أي من المجالات فيجب عدم إهمال هذا الأمر، والاعتناء بهذه المواهب وتنميتها، وحث الطفل على إبراز مواهبه والافتخار بها.

وتعد الأسرة من العوامل المؤثرة في نمو الذكاء الاجتماعي للطفل؛ فهي أقوى الجماعات تأثيرًا في سلوك الفرد من خلال التنشئة الاجتماعية التي تشرف على توجيه السلوك وتكوين الشخصية من خلال التفاعل والعلاقات بين أفراد أسرته، ومن خلالها يتعلم السلوك الاجتماعي. كذلك تعد الطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها الطفل عاملًا مهمًا من عوامل نموه الاجتماعي، حيث إنها تشكل وتساهم في تشكيل شخصية الطفل التي سيواجه بها العالم الخارجي أو المجتمع الأكبر، فالأسرة التي لديها مستوى ثقافي واجتماعي وأخلاقي جيد، ينمو الطفل بطريقة أفضل من الطفل الذي ينتمي إلى أسرة ذات طبقة اجتماعية غير سوية متدنية الثقافة والأخلاق.

ويساهم الوضع الاقتصادي للأسرة في نمو الطفل بصورة جيدة، ومن خلال المستوى التعليمي والثقافي الذي يتاح للطفل ومدى إدراك الأسرة ووعيها بحاجات الطفل، هذا بالإضافة إلى كونها تدرك الأساليب التربوية المناسبة للتعامل مع طفله، وكيفية إشباعها لحاجاته، كما أن هناك عواملَ مؤثرة أخرى في نمو الذكاء الاجتماعي للطفل مثل المدرسة التي توفر المناخ والظروف الملائمة لنمو الطفل عقليًا وانفعاليًا وجسميًا ونفسيًا، وتعلمه المزيد من القيم والمعايير الاجتماعية السليمة.

ولا يمكن إغفال أصدقاء الطفل وطريقة انتقائه لهم، وحثه على توطيد علاقته بهم والمحافظة على صداقتهم والحرص على استمرارها، كل هذه العوامل وغيرها تؤثر في نمو الذكاء الاجتماعي للطفل.

لا بد من الحرص على تنمية مواهب الطفل أو قدراته حينما تظهر أو تُكتشف، من خلال إتاحة الفرصة للطفل للتعبير بشكل أفضل عن مشاعره وآرائه وأفكاره وحاجاته والاهتمام بذلك، وجعلها من أولويات الأسرة حتى يتمكن من تطويرها، وهذا ينعكس على شخصيته وعلى حضوره الاجتماعي ومن ثّمَّ نمو ذكائه الاجتماعي.

Name, Title

.تحليل ذو قيمة

bottom of page