السدود والحواجز المائية
د. قيس احمد المحمدي
وفقاً لما ذكره تقرير النظام العالمي للمعلومات للمياه والزراعة لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتّحدة، في الجمهورية اليمنية 347 سداً. إلّا أنّه يبقى العدد قليلاً جداً خصوصاً إذا قارنّا العدد بالنّسبة لمساحة البلاد لاسيما بالفرص الممكنة والاحتياجات المائية. علاوةً على ذلك، إن قضية بناء السّدود والحواجز المائية هي من أهمّ القضايا الاستراتيجية التي يحتاجها مجتمعنا، فتغدو من الأولويات خصوصاً في ظلّ وجود صراعات وفي مرحلة عدم الاستقرار.
ففي اليمن فرص عديدة، من أهمّها التغيّرات المناخية الإيجابية التي تبشّر بزيادة معدّلات الأمطار الموسميّة على مختلف المحافظات والمناطق اليمنية خلال السنوات القادمة. وذلك يتطلّب الاستفادة من مياه الأمطار عبر إنشاء السدود والحوجز المائية دعماً للتنمية في بلدنا وبالذات لضمان تنمية زراعية مستدامة.
الجدير بذكره، أن مياه الأمطار في بلادنا تنهدر في حين أنها مورد استراتيجي. وليس من الضّروريّ أن تُستَغَلّ في المجال الزراعي فحسب، بل أيضاً في المجالات الصناعية والاستخدامات المنزلية. وهنا يمكن تصنيف السّدود كسدود تخزين لإمدادات المياه والرّيّ وتوليد الطّاقة والملاحة، ثم سدود الحماية من الفيضانات وسدود التغذية الجوفية والسّدود تحت سطح الأرض والسّدود التي تشيّد لأغراض خاصة ومعيّنة.
من منظور استراتيجي، إن التطور الصّناعي والزّراعي في العالم، إلى جانب تزايد عدد السكان واحتياجاتهم للمياه والضغط على الموارد المائية المتاحة، يتطلّب منّا أن ندير تلك الحاجات وفق استراتيجية تضمن استرشاد استخدام المياه، علماً أن المحافظة على المياه وتنمية مواردها كان ولا يزال هدفاً رئيسياً من أهداف الحوكمة الرشيدة. فالماء هي شريان الحياة وعصبها والركيزة الأساسية الأولى التي تقوم عليها التنمية الشاملة. ونظراً لاعتماد معظم المناطق الزّراعية في اليمن بشكل أساسي على الأمطار الموسمية، فمن الضروريّ أن يكون ضمن الأولويات الاستراتيجية لأي حكومة لاسيما للمنظّمات، ويجب على الجهات الفاعلة الأخرى خصوصاً المجتمعات والسلطات المحلية جعلها في مقدّمة الاهتمامات التنموية والاقتصادية. وللاستفادة من مياه الأمطار سيكون على الدولة بشكلٍ عام وعلى المجتمعات والسلطات المحلية بشكلٍ خاص، إعطاء أولوية لإنشاء السّدود والحواجز المائية في المناطق التي تصل إليها مياه الأمطار، وما تتطلب من الجهود والمساهمات الكفيلة بزيادة عدد السّدود والحواجز المائية. ومن المعلوم أن الكثافة السكانية مرتفعة في المناطق الجبلية، لذا سنكون أمام استراتيجيتين، إما إعادة توزيع سكان الجمهورية اليمنية من خلال التدخّل لتقليل الكثافة السكانية في المناطق الجبلية وهذه الاستراتيجية ربما قد تكون صعبة التنفيذ في ظلّ الأوضاع الحاضرة، بينما الاستراتيجية البديلة هي توفير البنية التحتية للمناطق الجبلية التي من أهمّها توفّر المياه بشكلٍ دائم للسّكان الحاليين بما لا يغفل حقّ الجيل القادم، إضافة إلى رصف الطرقات الجبلية.
أما بشأن الحلول العملية الممكنة، فتقوم على الإستفادة من التّجارب الناجحة التي حقّقتها دول نامية في هذا المجال. كما نوصي كحالة خاصة في اليمن بأن يتمّ رفع ضريبة القات وفي الوقت نفسه بأن يتمّ تخصيص النّسبة الأكبر منها لبناء السّدود والحواجز المائية، خصوصاً وأننا نعلم بأن ضريبة القات السنوية تحقّق مبالغ كبيرة، لذا نحتاج إلى حسن استغلالها. وسيكون على المجتمعات والسلطات المحلية الدّور الأبرز في كلّ المناطق التي تصل إليها مياه الأمطار، وذلك من خلال تقديم مشاريع لبناء السّدود والحواجز المائية بناء على دراسة أولية تحدّد مكان إقامة السّدّ والفرص والبدائل المتاحة، إضافة إلى مشاركتها من خلال حشد الأموال عبر طرق عديدة من ضمنها الاشتراكات المجتمعية، وأيضاً متابعة السلطات الحكومية والمنظمات الدّاعمة وتخصيص الأرض المناسبة للبناء.
نأمل حقاً أن يعود الإنسان اليمني كما كان منذ القدم وفطرته البسيطة التي أوجدت الوعي بأهمية السّدود فشيّدها واستفاد منها، وهذا ما يطمح إليه بهدف تحقيق الأمن الغذائي للسكان وإحداث تنمية زراعية مستدامة.
Name, Title
.تحليل ذو قيمة